إجازة التربية بالمغرب .. مقاربات تقييمية واستشرافية في هندسة التكوين
القنيطرة، 25–26 دجنبر 2025
احتضنت المدرسة العليا للتربية والتكوين بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، يومي 25 و26 دجنبر 2025، ندوة علمية وطنية تحت عنوان «هندسة تكوين الإجازة في التربية: دراسة تقييمية استشرافية»، نظمها فريق البحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية والمناهج وطرائق التدريس، التابع لمختبر الابتكار والبحث لتجويد مهن التربية والتكوين، بتنسيق من الأساتذة: عزيز لبيهي، مريم الحادقي، وأمينة أبو القاسم.
وتندرج هذه الندوة في سياق النقاش الوطني المتجدد حول إصلاح منظومة التكوين في مجال التربية والتكوين، لاسيما ما يتعلق بهندسة مسالك الإجازة في التربية، باعتبارها أحد المداخل الأساسية لإعداد مدرس المستقبل، وتأهيل الباحثين والباحثات في العلوم التربوية والديدكتيكية.
عرفت الندوة مشاركة أزيد من خمسة وعشرين (25) خبيرًا وباحثًا من ست جامعات مغربية، قدموا ثلاثًا وعشرين (23) مداخلة علمية باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية، توزعت على أربع جلسات علمية، تناولت مختلف الأبعاد المرجعية، البيداغوجية، التقييمية، والاستشرافية لهندسة تكوين الإجازة في التربية.
خصصت الجلسة العلمية الأولى لمحور الإطار المرجعي والمؤسسي لهندسة التكوين، حيث أكد المتدخلون (الخياطي الريفاعي، محمد الحوش، البرجاوي مولاي المصطفى، ربيع حمو، والحسين كسيراس) على أن أي تصور ناجع لهندسة التكوين ينبغي أن يقوم على تكامل نسقي بين التكوين المعرفي التخصصي والتكوين النفسي والتربوي. كما شددوا على ضرورة تقليص الفجوة بين التصورات النظرية الأكاديمية ومتطلبات الممارسة المهنية، والدعوة إلى مواءمة مخرجات الجامعة مع معايير التكوين المعتمدة بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، بما يحقق الانسجام والاستمرارية في مسار التكوين.
أما الجلسة الثانية، فقد تناولت محور الهندسة البيداغوجية ومنطق الكفايات، من خلال تقييم نقدي للملفات الوصفية لعدد من مسالك الإجازة في التربية، من بينها الدراسات الإسلامية، الجغرافيا والتاريخ، واللغات. وقد ركزت مداخلات الباحثين (رشيدة بوخبرة، عزيز لبيهي، عبد النور صديق، عبد الحميد الجملي، أمينة أبو القاسم، أنس الصنهاجي، ومعاد البوريمي) على مدى استجابة الوحدات الدراسية لمتطلبات الكفايات التربوية والديدكتيكية، مع التأكيد على أهمية إدماج مقاربات حديثة تراعي خصوصية المواد الدراسية وحاجيات المتعلمين، بما في ذلك الفئات ذات الاحتياجات الخاصة، قصد تحقيق تكوين متوازن وشامل.
وتمحورت أشغال الجلسة الثالثة حول التقييم والاستشراف وجودة التكوين، حيث ناقش المتدخلون (محمد مرو، ابتسام عمراني جاي، مريم الحادقي، أحمد القادري الحسني اليمني، محمد الكرادي، محمد أجردي، وحسن كون) التدرج في بناء الكفايات وفق الملفات الوصفية الجديدة لسنة 2023، مع إبراز أوجه التجديد مقارنة بالتصورات السابقة. وخلصت المداخلات إلى أن جودة التكوين تظل رهينة بالانتقال من منطق تلقين المعارف إلى منطق هندسة التعلمات، وتوظيف العلوم اللسانية والأدبية في بناء الكفايات المهنية والشخصية الديدكتيكية للمدرس.
أما الجلسة العلمية الرابعة، فقد خُصصت لاستشراف آفاق التطوير والتحول الرقمي في تكوين الإجازة في التربية، حيث قدم الباحثون (عبد المجيد شفيق، عمر الغوات، إبراهيم أو نبارك، أميمة الدقادق، محمد حمو، توفيق عزيماني، مروة أجّاك، وجيهان بادي) مقترحات عملية لتجويد الأداء البيداغوجي والتنظيمي. وشملت هذه المقترحات توظيف الذكاء الاصطناعي في تتبع وتقييم كفايات الطلبة، واعتماد نماذج بيداغوجية مبتكرة من قبيل “الفصل المعكوس”، لمواجهة إكراهات الاكتظاظ والفروق الفردية في إيقاع التعلم، إلى جانب تعزيز الولوجية وإدماج التكوين في مجالات الفنون ضمن مختلف مسارات الإجازة.
وقد اختُتمت أشغال الندوة بالتأكيد على أن تطوير هندسة تكوين الإجازة في التربية يشكل رافعة مركزية لإنجاح الإصلاح التربوي، شريطة اعتماد مقاربة تكاملية، مرنة ومبتكرة، تستحضر التحولات الرقمية ومتطلبات الممارسة المهنية، وتسهم في الارتقاء بجودة التكوين الأساس لمدرسي المستقبل.
.jpg)